فصل: تفسير الآيات (14- 19):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (1- 13):

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى (6) إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)}
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى- يعني ابن أيوب الغافقي- حدثنا عمي إياس بن عامر، سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74، 96]قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوها في ركوعكم». فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال: «اجعلوها في سجودكم».
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث ابن المبارك، عن موسى بن أيوب، به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال: «سبحان ربي الأعلى».
وهكذا رواه أبو داود عن زُهَير بن حرب، عن وكيع، به وقال: خولف فيه وكيع، رواه أبو وكيع وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد، عن ابن عباس، موقوفا.
وقال الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت عليا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} فقال: سبحان ربي الأعلى.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا حَكَّام عن عَنْبَسة، عن أبي إسحاق الهَمْداني: أن ابن عباس كان إذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1] فأتى على آخرها: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] يقول: سبحانك وبلى.
وقال قتادة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} ذُكِرَ لنا أن نَبِيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها، قال: «سبحان ربي الأعلى».
وقوله: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} أي: خلق الخليقة وسَوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات.
وقوله: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 5] أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عَمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء».
وقوله: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} قال ابن عباس: هشيما متغيرا.
وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.
قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.
وقوله: {سَنُقْرِئُكَ} أي: يا محمد {فَلا تَنْسَى} وهذا إخبار من الله، عز وجل، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، {إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} وهذا اختيار ابن جرير.
وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقيل: المراد بقوله: {فَلا تَنْسَى} طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه.
وقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وقوله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.
وقوله: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!
وقوله: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} أي: سيتعظ بما تبلغه- يا محمد- من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} أي: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه، بل هي مضرة عليه؛ لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب، وأنواع النكال.
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان- يعني التيمي- عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصارة فينبتهم- أو قال: ينبتون- في نهر الحياء- أو قال: الحياة- أو قال: الحيوان- أو قال: نهر الجنة فينبتون- نبات الحبَّة في حميل السيل». قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء أو قال: تكون صفراء ثم تكون خضراء؟». قال: فقال بعضهم: كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية.
وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل، حدثنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس- أو كما قال- تصيبهم النار بذنوبهم- أو قال: بخطاياهم- فيميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فنبتوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة، اقبضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل». قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية.
ورواه مسلم في حديث بشر بن المفضل وشعبة، كلاهما عن أبي مَسْلَمة سعيد بن زيد، به.
مثله ورواه أحمد أيضا عن يزيد، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة، حتى يصيروا فحمًا، ثم يخرجون ضبائر فيلقون على أنهار الجنة، أو: يرش عليهم من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبَّة في حميل السيل».
وقد قال الله إخبارا عن أهل النار: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] وقال تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.

.تفسير الآيات (14- 19):

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)}
يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} أي: طهَّر نفسه من الأخلاق الرذيلة، وتابع ما أنزل الله على رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} أي: أقام الصلاة في أوقاتها؛ ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالا لشرع الله. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار:
حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} قال: «من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله»، {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} قال: «هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها».
ثم قال لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه.
وكذا قال ابن عباس: إن المراد بذلك الصلوات الخمس. واختاره ابن جرير.
وقال ابن جرير: حدثني عَمرو بن عبد الحميد الآملي حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي خلدة قال: دخلت على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غدا إلى العيد فمرّ بي. قال: فمررت به فقال: هل طعمت شيئا؟ قلت: نعم. قال: أفضت على نفسك من الماء؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني ما فعلت بزكاتك؟ قلت: وكأنك قُلت: قد وَجّهتهَا؟ قال: إنما أردتك لهذا. ثم قرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وقال: إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء.
قلت: وكذلك روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}
وقال أبو الأحوص: إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة، فليقدم بين يدي صلاته زكاته، فإن الله يقول: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}
وقال قتادة في هذه الآية {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} زكى ماله وأرضى خالقه.
ثم قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي: تقدمونها على أمر الآخرة، وتبدونها على ما فيه نفعهم وصلاحهم في معاشهم ومعادهم، {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} أي: ثواب الله في الدار الآخرة خير من الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دنيَّة فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريبا، ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد؟!
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا ذُوَيد، عن أبي إسحاق، عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا دَارُ من لا دارَ له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له».
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة، عن عطاء، عن عَرْفَجة الثقفي قال: استقرأت ابن مسعود: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} فلما بلغ: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ترك القراءة، وأقبل على أصحابه وقال: آثرنا الدنيا على الآخرة. فسكت القوم، فقال: آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها، وزُويت عنا الآخرة فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل.
وهذا منه على وجه التواضع والهضم، أو هو إخبار عن الجنس من حيث هو، والله أعلم.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب دنياه أضر بآخرته، ومَن أحبّ آخرته أضرّ بدنياه، فآثروا ما يبقَى على ما يفنى».
تفرد به أحمد.
وقد رواه أيضا عن أبي سلمة الخزاعي، عن الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، به مثله سواء.
وقوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} قال الحافظ أبو بكر البزار:
حدثنا نصر بن علي، حدثنا مُعتمر بن سليمان، عن أبيه عن عطاء بن السائب، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كان كل هذا- أو: كان هذا- في صحف إبراهيم وموسى».
ثم قال: لا نعلم أسند الثقات عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس غير هذا، وحديثا آخر أورده قبل هذا.
وقال النسائي: أخبرنا زكريا بن يحيى، أخبرنا نصر بن علي، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال: كلها في صحف إبراهيم وموسى، فلما نزلت: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] قال: وفَّى {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38].
يعني أن هذه الآية كقوله في سورة النجم: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 36- 42] الآيات إلى آخرهن.
وهكذا قال عكرمة- فيما رواه ابن جرير، عن ابن حميد، عن مِهْران، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن عكرمة- في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} يقول: الآيات التي في سبح اسم ربك الأعلى.
وقال أبو العالية: قصة هذه السورة في الصحف الأولى.
واختار ابن جرير أن المراد بقوله: {إِنَّ هَذَا} إشارة إلى قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ثم قال: {إِنَّ هَذَا} أي: مضمون هذا الكلام {لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}.
وهذا اختيار حسن قوي. وقد رُوي عن قتادة وابن زيد، نحوُه. والله أعلم.
آخر تفسير سورة سبح ولله الحمد والمنة.